وَالِاعْتِلالُ

وَالِاعْتِلالُ
أَفٍتَتِحُ بِبَيْتَيْ أَبِي الطَّيِّبِ:
فَإنْ أَمْرَضْ فَما مَرِضَ اصْطِبارِي
وَإنْ أُحْمَمْ فَما حُمَّ اِعٍتِزامي
وَإنْ أَبْرَأْ فَلا أَسْلَمْ وَلَكِنْ
سَلِمْتُ مِنَ الْحِمامِ إلَى الْحِمامِ
مِسْكِينٌ أَيُّها الْإنْسانُ. تولَدُ في مُحِيطِ مِنَ الْأَعْداءِ الْفَتّاكِينَ، يُحِيطُونَ بِهِِ لِيَئِدُوهُ، وَيَمْنَعُوا مِنْهُ الْحَياةَ، مُنْذُ أَنْ تَرَى عَيْناهُ النُّورَ.
لَكِنَّ الْخالِقَ أَوْدَعَ فِي جِسْمِهِ وَخَلاياهُ قُوًى تَرُدُّ عَنْهُ كَيْدَ الْأَعْداءِ. أَعْنِي جِهازَ الْمَناعَةَ الْعَجِيبَ.
وَإنْ كانَتِ الْكُرَيّاتُ الْبَيْضاءُ ضَعِيفَةً يَتْعَبُ الْجِسْمُ كثِيرًا وَرَبَّما سَبَّبَ الْمَوَتَ فِي كَثيرٍ مِنَ الْحالاتِ.
وَإذا عَشَّشَ الْفيروس في الْأَمْعاءِ فَالْوَيْلُ لِلْمُصابِ مِنْ حُمَّى أَبِي الطَّيِّبِ الَّتي أَصابَتْهُ فِي مِصْرَ فَقالَ:
وَزائِرَتِي كَأَنَّ بِها حَياءً
فَلَيْسَ تَزُورُ إلَّا فِي الظَّلامِ
فَرَشْتُ لَها الْمَطارِفَ وَالْحَشايا
فَعافَتْها وَباتَتْ في عِظامي
ثُمَّ يَأْتِي الْإسْهالُ الشَّدِيدُ الَّذي لا يُوقِفُهُ دَواءٌ حَتَّى يُنْهِكَ الْجِسْمَ،
يَكُونُ مَصْحْحُوُبًا بِالْقُذافِ الْأَصْفَرُ، فَيَهْزُلُ الْجِسْمُ، وَلا يَسْتَطِيعُ الْمُصَابُ أَنْ يَنْهَضَ مِنَ الْفِراشِ أَيّامًا إلّا بِمُساعَدَةٍ.
وَيَغْلِبُ عَلَيْهِ النَّوْمُ دائِمًا، وَالضَّعْفُ الشَّدِيدُ، وَيُتْعِبُهُ الْمَشْيُ حَتَّى فِي الْبَيْتِ.
وَيَفْقِدُ الْمُصابُ شَهِيَّةَ الطَّعامِ وَالشَّرابِ أَيّامًا، وَتَنْغلِقُ الْمَعِدَةُ وَلا يَبْقَى لَهُ إلَّا تَجَرُّعُ شَيْءٍ مَنَ الشُّورَباءِ.
زارَني الْأَطِبّاءُ وَهُمْ ماهِرُونَ ثَلاثَ مَرّاتٍ لْمْ يَفْعَلُوا شَيْئًا سِوَى قَوْلُهُمْ: أَكثِرْ مِنَ السَّوائلِ وَتَناوَلِ الْمُسَكِّناتِ في أَوْقاتِها.
لا أُومِنُ بِأَيِّ مَصْلٍ ضِدَّ الْفِيروسِ الْقَتّال الْمُنْهِكِ. لا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكُورُونا، بَلِ الْأَخِيرَةُ أَسْهَلُ مِنْهُ، فَرُبَّما تُصِيبُ الْحُنْجَرةَ وَتُقْتَلُ هُناكَ.
هَذِهِ أَمْراضٌ تَنْقُلُ الْعَدْوَى، وَأُوصي الْأَصْدِقاءَ بِالْمُحافَظَةِ عَلَى مَسافَةٍ بَيْنَ الْواحِدِ وَالْآخَرِ. وَاللهُ هُو الشّافي وَالْمُعافي.
حَفِظَكُمُ اللهُ بِالسَّلامَةِ أَصْدِقائِي الْأَعِزاءِ.
أَخْتَتِمُ مَقالَتِي بِهَذا الْبَيْتِ:
إذا بَلَّ مِنْ داءٍ يَخالُ بِأَنَّهُ
نَجا وَبِهِ الدّاءُ الَّذي هُوَ قاتِلُهْ
آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108