لحظات طريفة برفقة المفتش ميجرييه
لحظات طريفة برفقة المفتش ميجرييه
المفتش السري ميجرييه هو صنيعة الكاتب البلجيكي المولد الفرنسي القلم واللسان العالمي الموطن جورج سيمنون، وكما ان كونان دويل ابتكر شخصية شرلوك هولمز، وموريس لبلان صنع شخصية ارسين لوبين من مخيلته، فعل سيمنون.
كتب سيمنون عددا غير قليل من رواياته البالغ عددها 450 رواية، ترجم اغلبها الى معظم لغات العالم، عن هذا المفتش، وقد وضع له مواصفات لم يحد عنها في رواياته عنه، لعل ابرزها كما في باقي الروايات البوليسية، الذكاء المتمثل في ذاكرة غير عادية واستيعاب نادر. اما في روايته " خيال الظل"، موضوع حديثنا فان ميجرييه يظهر اضافة الى هاتين الصفتين بمظهر المتابع لكل صغيرة وكبيرة ايضا بقوة واصرار يمكنانه من تفكيك شيفرة جريمة تبدو في البداية مستعصية وتكاد تكون مستحيلة التفكيك.
يفتتح سيمنون روايته هذه بمشهد بانورامي، في محوره جريمة قتل راح ضحيتها صاحب مصنع الامصال السيد كوشيه، وذلك باطلاق الرصاص عليه من قرب امتار قليلة، والاستيلاء على رواتب عمال المصنع التي وضعها في خزينته المكتبية تمهيدا لتسليمها لهم.
لقد وقعت جريمة قتل السيد كوشيه في جو موحش تطبق عليه الرهبة والظلمة.. الا من مصابيح شحيحة تبرز ظل الجاني. فمن هو القاتل؟ نين صديقة القتيل؟ ام زوجته السابقة، ام زوجها، ام ابنه المستهتر، ام مجنونة تقيم في العمارة.. مكان الجريمة؟
في غمار هذه المتاهة يشرع المفتش ميجرييه، في البحث عن المجرم، فياخذ بالتنقل من واحد الى اخر ممن قد يكون لديهم الدافع للقتل، وينطلق في بحثه عن القاتل من معاينة ظروف العمارة تحديدا، فيلاحظ ان مكتب القتيل مكشوف من عدة جهات، وانه بامكان من يريد، ان يتابع ما قد يقع فيه..
تتطور الاحداث حين تدلي مجنونة العمارة بكلام مفاده ان زوجة كوشيه السابقة كانت تبحث في حاوية النفايات عن شيء ضائع، وتقول انها اضاعت ملعقة من الفضة وبحثت عنها في الحاوية، ويقوم زوجها – مارتن- بالبحث مثلما قامت هي.
تزداد القصة تعقيدا بوقوع حادثتين احداهما تعقد الامور اكثر من الاخر، وذلك عندما يقوم ابن كوشيه بالانتحار، وعندما يتبين ان هناك وصية تركها القتيل يورث فيها ممتلكاته لزوجتيه، لصديقته وابنه.
هذا التعقيد في الاحداث لا يوقف المفتش ميجرييه عن البحث، بل يزيده اصرارا على القاء القبض على القاتل، وتزحف احداث الرواية لتمكن المفتش الذكي المثابر على القاتلة الحقيقية وهي زوجة القتيل كوشيه التي عاشت مع زوجها الجديد على الكفاف.
الطريف في هذه الرواية ان قارئها، كما يحدث في الروايات البوليسية عادة، يرافق المفتش ميجرييه في حل طلاسمها خطوة اثر الاخرى، وان حوادثها تاخذ في التكشف رويدا رويدا، حتى يتم الكشف عن القاتل.. بالضبط مثلما يتم في العملية الابداعية المركبة.. عندما يبدأ الكاتب المؤلف من نقطة غائمة وينطلق مستنيرا بهديها متنقلا بين تفاصيلها ابتداء من البداية الغامضة مرورا مع تعقيدات الوسط.. وانتهاء بالقمة.. والكشف.
آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108