قصة لعلها تفيد رجال القانون

25.09.2024 מאת: نبيل عودة
قصة لعلها تفيد رجال القانون

 

قصة لعلها تفيد رجال القانون

التهمة منافس للدولة
ادعي المحامي أن موكله غير مذنب إطلاقا، وان الموضوع لا يتعدى نزاع عمل بين الدولة وموكله. وقال أن الدولة تريد لنفسها احتكار أنواع معينة من الأشغال، هذا يتناقض مع قانون حق الإنسان باختيار مهنته ونوع عمله وضمان ممارسته لعمله بحرية ، يتناقض أيضا مع جوهر فلسفة القانون.

 

من حق الدولة أن تجني حصتها من الأرباح عبر جهاز الضرائب، أما أن تتهم موكلي بممارسة نوع معين من العمل، تدعي انه وقفا عليها فقط، مما يتناقض كما اسلفنا مع فلسفة القانون الذي يقر بحق الإنسان باختيار مهنته، ورغم ذلك، الدولة تنقض قوانينها وتقدم موكلي للمحاكمة الجنائية، هذا يا سعادة القاضي، تجاوز لكل الأعراف القانونية المشروعة، وللقوانين التي أقرتها الدولة نفسها.ولحقوق الإنسان كما يطرحها القانون، وأيضا حسب القانون الدولي.

 


كان القاضي، أثناء استماعه لمرافعة المحامي، يبتسم على غير عادته، رغم انه من القضاة العبوسين. عندما أنهى المحامي مرافعته سأله القاضي، والابتسامة تتسع لتمتد نحو أذنيه:

 


- هل أنهيت مرافعتك الرائعة؟ سأقترح أن تسجل مرافعتك في كتاب القانون القادم كأطرف مرافعة ألقيت في المحاكم. وربما تجد لك مكانا في كتاب جينيس كأغرب ادعاء قدم دفاعا عن متهم.. وقد تسجل ضمن فلاسفة القانون ؟
- هذا من لطفك سيدي القاضي. هل افهم أن موكلي بريء؟


- البراءة موضوع لا علاقة له بمرافعتك الرائعة.


- المرافعة رائعة..؟ ولا تضمن البراءة لهذا الإنسان الذي قضى عمره مخلصا لعمله، وكريما مع أهل بلده؟
- أعترف انه كان مخلصا لعمله، بل وبارعا فيه، لدرجة انه من الصعب كشف طرق وأساليب إنتاجه، ومعرفة المزيف من الصحيح..

 


- أخاف أن يكون سيدي القاضي يميل لقبول موقف الدولة كما طرحتها النيابة، فهي لم تثبت انه ارتكب جناية، كل ما هنالك انه قام بإنتاج بضاعة مشابهة منافسا الدولة في إنتاجها. هل هذا يختلف عن النزاع بين تاجرين أو أكثر يتاجرون بنفس المواد؟

 


- للدولة مسؤوليات السهر على حقوق المواطن يا أستاذ ، وصيانة الحقوق الجماعية والفردية، وصيانة أمنها واقتصادها من التلاعب ، وموكلك تجاوز الحد وعرض اقتصاد الدولة للخطر ، وهذه جريمة كبيرة .

 


- لا استطيع سيدي أن افهم كيف تحمي الدولة هنا حقوق موكلي ، لم يقتل، لم يسرق ، لم يرتكب جرائم جنسية، كل ما هنالك نافس الدولة بإنتاج مشابه؟ انه مجرد اختار عملا الدولة تدعي انه وقف عليها فقط، لأنها تريد تأمين احتكارها لهذا العمل.

 

ولا ننسى سيدي أن هناك قانون ضد الاحتكار. وموكلي أصر على اختيار مجال عمله حسب روح القانون ونصه، لماذا تمنع الدولة هذا الحق من موكلي؟ هل تخاف أن تكسد بضاعتها ؟ وأن يقل الطلب عليها ؟ أعتقد أن موكلي لم يؤثر على نشاط الدولة المشابه، ولم يكن منافسا بحجم يرعب الدولة وهو مستعد لدفع كل مستحقات الضريبة والتأمين، ولكن الدولة ترفض وتصر على عقابه.. فلماذا تصر الدولة على تجريم موكلي ومنعة من ممارسة عمله ونشاطه الإنتاجي ؟وان لا تنسى سيدي القاضي ان فلسفة القانون تعطي تبريرا كاملا لموكلي بان يمارس حقه في اختيار مهنته بشكل ديمقراطي.

 


اتسعت ابتسامة القاضي، لدرجة يصعب تصديقها، أين اختفى عبوسه وكشرته وتصرفه الدائم بأنه ملحوق بالوقت. ترى ما الذي يجعله سعيدا مبتسما بل يكاد ينفجر بالضحك ؟ وقال للمحامي بلطافة لا تعرف عنه في جلسات محكمته:
- صدقني أني معجب بخطة دفاعك، وفلسفتك للقانون، لكني ملتزم بنصوص واضحة وليس بفلسفة تصلح للحوار الأكاديمي فقط.. عندما أتورط بقضية جنائية، سأوكلك للدفاع عني قضائيا وفلسفيا!!


- ستحصل على أفضل خدمة دفاعية، وسأتجاهل انك لم تنصفني بالكثير من القضايا.


- حسنا الآن نعود لموضوعنا، أفهم أن موكلك يعترف بالذنب؟

 


- موكلي لا يعتبره ذنبا، والقانون بفلسفته الواضحة ينص على حق الإنسان في اختيار عمله بحرية، هذا من جهة، فكيف تفسر أن الدولة تريد تجريمه لأنه نافسها بإنتاج مشابه؟ هل منافسة الدولة في الإنتاج جريمة؟ .. أنا أرى انه ضمن قانون حق اختيار المهنة.. والخطأ ليس بتصرف موكلي انما بشكل تفسير نشاطه.

 


- ولكن الموضوع ليس مهنة، بل الاعتداء على حق للدولة بإدارة شؤون الاقتصاد والمجتمع ، وموكلك سبب فوضى مالية كبيرة ، واغرق السوق ، بأوراق مالية لا قيمة لها، مثيرا أزمة مالية خطيرة ، وبسببه كادت تعم الفوضى في المجتمع وينهار الاقتصاد؟

 


- فوضى وانهيار اقتصاد ، هذا ادعاء لم تثبته النيابة ولم تثبت صحته بأي حال .. ولم تدعيه الدولة، وعلى فرض أنها ادعت ذلك، هل كل ما تقوله الدولة هو الكتاب المقدس ؟

 


- عزيزي المحامي المتعلم ، كيف تفسر أن موكلك أنتج عملات مزورة وسوقها خلال سنوات طويلة، أليس هذه جناية ضد الدولة والمجتمع والتسبب بالفوضى في سوق الأوراق المالية ؟

 

إطلاقا لا، انه إنتاج لنفس البضاعة، وهذا حق موكلي في اختيار مهنته!!

 

لسبب ما انفجر الحضور في قاعة المحكمة بضحك صاخب. عبس القاضي للحظة، وثم انفجر ضاحكا لا يقوى على التقاط أنفاسه.
 

 

آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية  المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها  Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108

 

תגובות

מומלצים