رسالة الى خائن
رسالة الى خائن
البحر الكامل
سَتَعودُ يَوْمًا تَكْتَوي بِأُواري
وَتَعودُ تَلْهَثُ كَيْ أَفُضَّ قَراري
سَتَعودُ تَحْمِلُ رايَةً مُبْيَضَّةً
في رَحْمِها اسْتِسْلامُ لِلْأَقْدارِ
كَمْ مِنْ سِنين في حَياتي قَدْ مَضَتْ
أَسْرَجْتُ فيها الْعَزْمَ لِلْإعْمارِ
وَتَوَسَّلَتْ أَكْفانُ رَمْسِيَ لِلثَّرى
عَلَّ التُّرابَ يُبَلُّ بِالْأَمْطارِ
كَمْ صِرْتُ مَلّاحًا وَقُبْطان الْهَوى
لِسَفينَةٍ صَدَّتْ عَنِ الْإبْحارِ
وَلَبِسْتُ دِرْعًا لِلتَّظاهُرِ كاذِبًا
فيهِ اخْتَبَأْتُ لِكَيْ أَصونَ وَقاري
وَحَمَلْتُ تُرْسًا في حُروبٍ لِلنَّوى
حارَبْتُ فيها الصَّدَّ بِالْإِقْرارِ
في كُلِّ مَعْرَكَةٍ تَشَظَّتْ مُهْجَتي
وَتَطايَرَتْ شَذَراتُها كَغُبارِ
فَذَوَتْ فَراشاتٌ لَها في كَبْوَةٍ
وَالْغائِلاتُ مَدافِنُ الْأَعْمارِ
أَنَسيتَ يَوْمًا فيهِ كُنْتُ حَبيبَةً
فَجَرَيْتَ خَلْفِيَ تَقْتَفي آثاري؟!
إِنّي حَمَلْتُكَ مِثْلَ طِفْلٍ خائِفٍ
مِن حُلْكَةِ الْأَيّامِ وَالْأَضْرارِ
وَسَتَرْتُ عُرْيَكَ في رِداءِ تَحَمُّلي
وَلَفَفْتُ جُرْحًا نازِفًا بِستاري
كَمْ كُنْتُ جِسْرًا فَاعْتَلَيْتَ مَواجِعي
وَبِهِ ارْتَأَيْتَ لِعالَمِ الْأَقْمارِ
وَجَنَحْتُ خَلْفَكَ بِانْكِسارٍ مُعْلَنٍ
عَلَّ الْحَياءَ يَبانُ بِالْآثارِ
فَأَضاءَ حِلْمي أَنْجُمًا في صَرْحِها
فَاْنثالَتِ الْأَنْوارُ لِلْأَقْمارِ
ما ذاكَ وَهْنٌ أَوْ مَذَلَّة لِلَّذي
قَضَّ الْوِصالَ بِسَيْفِهِ الْبَتّارِ
فالْكِبْرُ داءٌ والْغَباءُ شَقاوَةٌ
وَالنَّرْجِسِيَّةُ مَبْعَثُ اسْتِهْتارِ
فَرَكَضْتَ تَجري خَلْفَها مُتَقَصِّدًا
لَمْ تَكْتَرِثْ لِلْعَيْبِ أَوْ لِلْعارِ
فَتّقْتَ وَصْلًا وَالْفُراقُ مَواجِعٌ
بُسْتانُ شَهْدٍ موصَدٍ بِجِدارِ
وذَلَلْتَ نَفْسًا في الْحَياةِ عَزيزَةً
وَرَفَعْتَ سَدًّا شاهِقًا بِجِواري
فَتَهَرَّبَتْ مِنْكَ الرُّجولَةُ وَاخْتَفَتْ
خَلْفَ السَّتائِرِ تَحْتَمي بِفَرارِ
ثُمَّ انْتَهَيْتَ إِلى الْحَضيضِ بِكَسْرَةٍ
جاءَتْ مِنَ الْأَقْدارِ لِلْغَدّارِ
فَحَمَلْتَ هَمَّكَ بِالْيَدَيْنِ مُهَرْوِلًا
نَحْوَ الْغُموضِ مَخافَةَ الْإِعْصارِ
حَمَلَتْكَ أَرْياحُ الْخَريفِ إلى الفَضا
ءِ وَأَنْزَلَتْكَ بِأَسْفَلِ الْآبارِ
شَجَرُ الْخَريفِ تَجَرَّدَتْ أَغْصانُهُ
وَتَكَشَّفَتْ لِتَبوحَ بِالْأَسْرارِ
رَفَعَتْ غُصونًا لِلسَّماءِ تَضَرُّعًا
عَلَّ السَّماءَ تَلينُ لِلْأَعْذارِ
لكِنَّ في صَوْتِ السَّماءِ مُنَبِّهًا
يَكْوي الْغَريقَ وَيُصطَلى بالنّارِ
اِزْحَفْ عَلى قَدَمَيْكَ مِقْدارَ الَّذي
وَقَفَتْ بِهِ الأَقْدامُ كُلَّ نَهارِ
ما عادَ حُضْنِيَ مَوْطِنًا تَغْفو بِهِ
لا لَنْ أُعيدَ مَواسِمَ الْأَشْعارِ
سَتَظَلُّ تَرْكَعُ بِابْتِهالٍ واهِنًا
وَتَذوقُ حَنْظَلَ من كُؤوسِ مَراري
لا لَنْ تَعودَ إِلى دِيارٍ خُنْتَها
فَغَدًا تُباعُ بِأَبْخَسِ الْأَسْعارِ
حَتّى وَلَوْ ذُرِفَتْ دُموعُك حَسْرَةً
جَرْيَ الْمِياهِ بِمَسْقَطِ الْأَنْهارِ
لا تُستعادُ الرّوحُ بَعْدَ خُروجِها
فَرَحيلُها مَوْتٌ بِلا إِشْهارِ
سَأَظَلُّ أَكْتُبُ لِلسَّماءِ بِلَهْفَةٍ
حَتّى تَبَدَّلُ مَسْرَحُ الْأَدْوارِ
وَأُعيدُ مَجْدًا مِنْ بَهاءِ قَصائِدي
مَقْروضَةٌ بِالْعَزْمِ وَالإِصْرارِ
آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108