حينَ تَصيرٌ القُبلةُ وطَناً

25.09.2024 מאת: سليمان دغش
 حينَ تَصيرٌ القُبلةُ وطَناً

 


 حينَ تَصيرٌ القُبلةُ وطَناً

 

خبّئني في عَينَيْكَ تقولُ فلا مأوىً عندِيَ غَيرُهما
مَنْ قالَ بأنَّ البَيْتَ الشَّتَوِيَّ، وإنْ أوقَدتُ المِدفَأةَ،
 بلا عينَيكَ الزَّرقاوَينِ سيَقدِرُ بعَثَ الدِفءِ إلى 
أعماقِ الرّوحِ لَيُحييني 


لا نارٌ مهما استَعَرتْ يمكِنها أنْ تَطرُدَ برداً 
عشَّشَ في أعماق الرّوحِ، ولكِنَّ قليلاً من دفئِكَ
 حينَ تعانِقني يكفي ليُضيءَ المِصباحَ المُطفَأَ 
في مشكاةِ الروحِ، على عَجَلٍ، ويحَرِّك موجاً يربِكُ 
خاصرتي فتُعاودُ حالاتُ المَدِّ وحالاتُ الجَزْرِ


 تراوِدُ زَبَداً يتَهَيَّجُ في خُلجانِ شواطِئِ خارِطَتي  
خذني في رِحلَةِ صَيفٍ كيْ أتَشَمَّسَ قُربَ البَحرِ 
لعلَّ المَوجَ يُدَغدِغُ عاجَ الساقينِ فَيُغريني الزَّبَدُ
 المُتَوَتِّرُ، أخشى أنْ يَسحَبَني البَحرُ إلى الأعماقِ 
فَعَلِّمني أسرجُ ظهْرً الموجَةِ فيك لنمضي نحوَ 


شَواطئِ لهفَتِنا، ودَعِ المِشوارَ يطولُ، أحِبُّ عُلُوَّ 
المَوجِ على ايقاعٍ غَجَريِّ الرِّتمِ، ولا يُتْقِنُهُ غيرُ 
جنونِكَ فيَّ فلا تتركني أغرَقُ إلّا فيكَ وَتَغرَقُ فيَّ،
 فما من بَحرٍ أخشى مِنهُ سوى عينَيكَ، فخُذْ بِيَدَيَّ، 
أنا امرأةٌ شَفَتايَ جَهَنَّمُ حارِقَةٌ والجَنَّةُ ليسَ لها بابٌ 


إلّا منْ فُسحَةِ نَهدَيَّ، فلا تَبْحَثْ في الأسطورَةِ عَنْ
 جَنّتِكَ الموعودَةِ، ذاكَ مجازٌ لا أكثَرَ، إنَّ الجَنَّةَ فينا،
 يا رَجُلاً أوقَدَ كُلَّ قَناديلي وأزاحَ ستارَ الوَهمِ عَنِ الشُّرُفاتِ،
 أشارَ بإصبَعِهِ نحوَ الشَّمسِ فراحتْ تخلَعُ 
جِلبابَ الليلِ الأسوَدَ عارِيَةَ تتجَلى فوقَ البَحرِ


 فَعَمَّدها رغمَ البَونِ الشاسِعِ، إنَّ النورَ كحالةِ 
عشقٍ قُصوى يَختَزِلُ البعدَ إلى حَدِّ الصِّفرِ، 
كأنَّ البَحرَ يُبَلِّلُ شعرَ الشَّمسِ الذَّهَبِيَّ ليؤنِسها، 
وكأنَّ الشَّمسَ على سَفَرٍ فوقَ الماءِ وتَحتَ الماءِ
 فلا تُشْعِلُهُ النّارُ ولا يُطفِئُها الماءُ


فطوبا لهُما ضدّانِ وندّان بحالةِ عشقٍ ما أجمَلَ 
عشقَ الضِّدَيْنِ إذا ما وحَّدَ عِشقٌ أبَدِيٌ بَيْنَهُما    
خَبّئني في عيْنَيكَ تقولُ، هُما مأوايَ ومَنفايَ 
أحِبُّ المَنفى فيكَ فَخذني حَيثُ تشاءُ، وحَرِّرني 
من عُقدَةِ حواءَ، خُرافَةِ حَوّاءَ وكُنْ وطَني أنتَ 


لأحيا فيكَ وتَحيا فِيَّ، وخَلّصني من وطَنٍ لا 
يَعترفُ بأنَّ الحُبَّ هو الوطَنُ الأوَّلُ، 
لا أجمَلَ منْ وطَنٍ يُختَزَلُ على شفَتيَّ بِقُبلةْ

 

 

آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية  المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها  Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108

 

תגובות

מומלצים