بيت العنكبوت

17.06.2024 מאת: محمد الدولتلي
  بيت العنكبوت


 قصة قصيرة
 

بيت العنكبوت


ألقت أشعة شمس الصباح اللطيفة ضوئها المشرق علي بتلات الورود اليانعة متخللة قطرات الندي الباردة الساكنة فوقها منادية الفراشات الأنيقة لزيارتها ورسم لوحة الألوان اليافعة معها لإستقبال اليوم الوليد بإشراقة تبهج الدنيا .

 


تسابقت الفراشات لتتخذ كل منها وردة من الوردات الداعية إياها بترحاب لتبدأ رحلة الجمال اليومية ، منذ خرجوا للدنيا من شرانفهم وهم يلونون أرجاءها معا ويتجاوزون مخاطر ألوانها القاتمة بقوة صدق مشاعرالتي تسكن نفوسهم الصافية التي تحميهم معا من خطر ظلال تلك الألوان .

 


هم كومضات تظهر في عمر الدنيا تزينها وتشرح الأنفس فيها بعيدا عن منغصاتها التي لا تنتهي ، إن ترسمهم ريشة الفنان فذلك حتي يظهر جمال فنه وقدرته علي طبع الجمال فوق لوحاته ، وإن وصفهم كاتب فحتي يصبغ ورقه بأدب يصف روعة الخالق في خلقه .

 


تنبهت إحداهن من فوق وردتها الحميمة إلي قطرات الندي الصغيرة كما اللؤلؤ تنسال علي تلك الشبكة التي تبدو شفافة معلقة في الهواء بشكل أثار جوارحها التي تبحث عن الجمال حولها ، نظرت حولها حتي تبينت صاحبة تلك الشبكة التي تظهر الضعف والظلم الذي تتعرض له ويهدم بيتها الرقيق الذي يتلاعب الهواء به بقسوة ، ما ذنبها إن خلقت ضعيفة كسيرة لا تقوي علي حماية نفسها وبيتها من الذين يحترفون الأذي .

 


دعتها الي بيتها الرقيق الذي يرغب في التمسك بجمالها ولن يفرط فيه ممنية إياها بسعادة لا تنتهي بحلول الليل وسربلته الظلام علي الدنيا بما يحمله من قسوة وعمي عن الألوان ، حياة أخري في عتمة الليل لم تكتشف سحرها بعد ولن تهبها لها الحياة التي نشأت فيها وظنت فيها الكمال .

 


خفق قلب الفراشة الصغير لبرائة العنكبوت وحبها حتي لأعدائها القساة ولوعودها بمتع لا مثيل لها في بيتها، هي صورة أخري للجمال لم تشهدها من قبل وتستحق أن تكون جزءا منها ، تحركت أجنحتها الرقيقة لتلبي الدعوة غير آبهة بإمساك بتلات وردتها بأقدامها ورفرفة أجنحة أخواتها التي تحاول إقصائها عن تلك المغامرة غير محسوبة العواقب .

 


لامستها خيوط الشبكة برقة لم تشهدها في الورود ومتعة لم تلمس جسدها من الهواء ، أحست برغبتها بالمزيد من تلك الخيوط الحانية فتحركت عنكبوتها المضيفة لها في بيتها لتهبها المزيد والمزيد من تلك الخيوط الرقيقة التي تكاثفت عليها حتي عزلتها عن عالمها الذي تعودت عليه وأنبتت في قلبها كرها لذلك العالم الخانق ولحياتها مع أخواتها فيه .

 


دعت العنكبوت أبناءها ليعوضوها عن صحبة أخواتها الفراشات التي أقنعتها بمدي حقدهم عليها وكرههم لكل نعيم حصلت عليه ، تجمعوا حولها وقد وقر في نفسها عذوبة تلك الصحبة الجديدة وصفاء نفوسهم .

 


أسلمت نفسها لهم وقد تحولت ذكرياتها إلي تجارب مريرة يجب التخلص منها ، تجمعوا حولها لتشعر بدفئ صحبتهم وقبلاتهم الدافئة الرقيقة التي شرعت في إمتصاص جسدها الذي فقدته جزء تلو الآخر داخل بطونهم.

 

آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها  Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108

 

תגובות

מומלצים