لبنان ينتظر العون من جوزيف عون!!!
بخلاف القول الشهير والمتّبع أن رضا الناس غاية لا تدرك، وأنه لا يمكن لأحد أن ينال رضا جميع الناس، يبدو للوهلة الأولى أن انتخاب جوزيف عون، الأسبوع الماضي وبعد جولتين انتخابيّتين، رئيسًا للبنان بعد عامين من الشغور الرئاسيّ، أرضى الجميع، بل إنه، في حالة تستحقّ التأمّل والدراسة وانتظار النتائج
ربما أرضى الأضداد ابتداءً من تركيا والسعوديّة مرورًا بأميركا وإيران، والدول الأوروبيّة وتلك الخليجيّة، وأوكرانيا وروسيا، وانتهاءً بإسرائيل وحركة "حزب الله"، في حالة غير مسبوقة تفسيرها واحدٌ من ثلاثة، فإما الثقة التامّة لدى الجميع بالنجاح، أو الثقة التامّة بالفشل، أو عدم الاكتراث بمصلحة لبنان،
بل بالمصلحة الشخصيّة والذاتيّة لأولئك الذين يرحّبون، انطلاقًا من إيمانهم أن ما كان هو ما سيكون، وأقول هذا انطلاقًا من المصالح والرغبات والتوجّهات المختلفة، بل المتضاربة والمتناقضة للجهات التي رحّبت، والتي يمكن وصفها بأنه " تعدّدت الأسباب والترحيب واحد" على وزن القول "تعدّدت الأسباب والموت واحد"، فالدول التي رحّبت تملك مصالح متناقضة لا تمت الواحدة للأخرى بصلة، ورغم ذلك رحّبت وهلّلت،
فإسرائيل تريد كبحًا لجماح "حزب الله" ورئيسًا يقبل ربما ببقاء قوّاتها داخل الأراضي اللبنانيّة بعد السادس والعشرين من الشهر الحاليّ، موعد الانسحاب الإسرائيليّ وفق اتّفاق وقف إطلاق النار الموقّع بواسطة، وليس بوساطة أميركيّة بين البلدين نهاية تشرين الثاني2024 ولذلك رحّبت.
أما "حزب الله" فيريد رئيسًا يتوافق عليه الجميع خلال عمليّة الانتخاب حتى لو صرّح، كمن قبله ومن سيأتي بعده، أنه يريد جيشَا واحدًا وسلاحًا واحدًا، ليعود الحال إلى سابق عهده من وجود عشرات آلاف المسلحين من "حزب الله" في الجنوب عسكريًّا ووجود كتلة مانعة للحزب سياسيًّا يمكنها، كما ساهمت اليوم باختيار الرئيس الجديد، أن تمنع تشكيل حكومة، أو أن يرفض نزع سلاحه، ورغم ذلك أيّد الانتخاب، والولايات المتحدة أيّدت،
بل كانت من بذل كافّة الجهود عبر عاموس هوكشتاين، مع السعوديّة عبر محمد بن فرحات، لضمان انتخاب عون، خلافًا للمتبع لبنانيًّا والذي يمنع انتخاب أصحاب المناصب من الدرجة الأولى، ما داموا على رأس عملهم،
أو أنهوه قبل أقل من عامين، رغم تناقض المصالح، فالهدوء هو رغبة الطرفين، لكن هذا الهدوء قد يمكن ، بل من المؤكد أن يمكن "حزب الله" من استعادة قوته، ناهيك عن ان السعودية ارادت او تمنت في صميمها، ان يكون الرئيس الجديد اقرب اليها، وكذلك الدول الأخرى، فتأييدها واحد لكن لكل منها مصالحه،
وهنا نعود إلى البداية، فهل سينجح جوزيف عون في إرضاء الجميع بمعنى" تربيع الدائرة"، أم أن الفشل سيكون حليفه وبالتالي سيتمكن كلّ مُرَحِّبٍ من القول أن آماله المعلّقة على عون لم تتحقّق ، ومن هنا له كامل الحقّ في اختيار الردّ المناسب.
وحال الرئيس الجديد لا يختلف عن حال لبنان الدولة، فهو دولة يحبّها الجميع ويتمنّى قربها وودّها، لكنه ولأسبابه، أو ظروفه الداخليّة المعقّدة، ابتداءً من دستوره المعقّد والمبنيّ على أساس واعتبارات طائفيّة مقيتة تتغذّى على التقسيمة الطائفيّة- السياسيّة وتغذّيها، بل تجعل كل فئة تتمترس في مواقفها وتتمسّك بها، حتى لو كانت من باب" إغاظة الخصم"، وبالتالي قيادة هذا البلد كانت صعبة منذ البداية، وأصبحت شبه مستحيلة في العقود الأخيرة،
خاصّة منذ اتّسع نطاق تأثير "حزب الله"، وانتقل من العمل العسكريّ إلى العمل السياسيّ وأصبح اليد الطولى لإيران ينفّذ سياساتها بحذافيرها، ويعمل لمصلحتها حتى لو ناقضت المصلحة اللبنانيّة وهذا ما حصل في كافّة المواجهات العسكريّة بين الحزب وإسرائيل، والأخيرة على وجه الخصوص، خلافًا لقرارات الشرعيّة اللبنانيّة ودون الرجوع إليها، بمعنى قيام "حزب الله" ببناء دويلة شيعيّة في الجنوب تملي رأيها على الدولة، وبالتالي فرئاسة هذا البلد تستوجب مهارات خارقة ومناورات، أو رقص بين الحروف،
ومحاولة التوفيق بين ما لا يمكن التوفيق بينهم، وتحتاج شخصيّات خاصة، يأمل الجميع ان يكون جوزيف عون أحدها انطلاقًا من القول الشهير للكاتب اللاتيني بابيلوس سيري:" كل شخص يمتلك القدرة على القيادة عندما يكون البحر هادئًا "، وبحر لبنان لا يهدأ ابدًا، بل هو بحر هادر، على الرئيس الجديد أن يحاول التوفيق بين تناقضاته، ,وأوّلها ما جاء على لسانه فور انتخابه حول تنفيذ القرارات الدوليّة، لا سيّما القرار 1701، إلى جانب ضمان الاستقرار السياسيّ والبرلمانيّ وتطبيق الدستور اللبنانيّ الذي يحصر المناصب السياسيّة في طوائف معيّنة، فالرئيس مسيحيّ ماروني وكذلك قائد الجيش، ورئيس الوزراء مسلم سنيّ ورئيس البرلمان مسلم شيعيّ.
وهي توزيعة طائفيّة يقبلها الجميع على مضض لكنها تثير غضب البعض خاصّة أولئك الذين يؤكّدون أن تركيبة لبنان الطائفيّة والسكانية قد تغيّرت، ومنهم "حزب الله" وهي واحد من أسباب عدم الاستقرار السياسيّ، وحديثه عن ضمان السيادة اللبنانيّة بمعنى سيادة القرار، ولكن مع تنفيذ اتفاق الطائف من العام 1989 وهو القرار الذي المساواة !!!! بين جميع المواطنين والمحافظة على العيش المشترك وإبعاد شبح الحرب الأهلية مجدداً، لكنه بقي دون تطبيق وتم التغاضي عن بنوده الأساسية التي يعيش لبنان حالياً تبعات عدم تطبيقها، وهو الاتفاق الذي نصّ على وضع حدّ للتدخّلات الخارجيّة في لبنان وخاصّة تلك السوريّة، لكن الولايات المتحدة ، والتي كانت أول الداعمين لانتخاب جوزيف عون،
أفرغته من مضمونه العمليّ عبر صفقة بين واشنطن ودمشق بعد اجتياح صدام حسين للكويت في آب 1990، وعلى حساب لبنان، أطاحت باتفاق الطائف كليًّا، وأعادت سيطرة النظام السوريّ، بصورة كاملة، على الواقع السياسيّ اللبنانيّ وعلى الحياة السياسيّة في لبنان، ناهيك عن أن اتفاق الطائف استثنى سلاح "حزب الله" من تعريف "سلاح الميليشيّات" التي يجب نزع سلاحها، حتى أن رئيس الوزراء اللبنانيّ حينه سليم الحص،
قال إن الحكومة لن تدّخر جهدًا في العمل على تحرير الأرض من الاحتلال الإسرائيليّ بكل الوسائل المتاحة ولا سيما دعم "المقاومة"، وفي هذا تناقض على جوزيف عون تسويته، فهو أعلن في خطاب التنصيب أنه يريد سلاحًا واحدًا فقط، وأنه سيعمل على أن يكون حقّ حمل السلاح مقتصرًا على الدولة، وأنه لا يريد محاربة إسرائيل، ولم يتطرّق إلى المقاومة، ولو بكلمة واحدة خلال خطابه، زد على ذلك أن عون تحدّث عن استقلاليّة القرار متناسيًا الدور السعوديّ والدور الأميركيّ، في انتخابه، وهو ما أشار إليه النائب جبران باسيل حين قال إن ما شهدته انتخابات الرئاسة اللبنانيّة الأخيرة، يعيد لبنان إلى عهود الوصاية أو عهد القناصل" ، والتأثير الخارجيّ على النواب وإلزامهم بالتصويت لمرشّح معيّن، بتأييد مرشح معيّن، وبالتالي فهي عمليّة تعيين وليس انتخاب، يتنازل مجلس النواب فيها عن السيادة، ويقبل وصاية خارجيّة جديدة؟".
ورغم أن البعض يعتقد أن انتخاب جوزيف عون يشكّل ضربة لحركة" حزب الله " التي عارضت طيلة عامين انتخابه، كما عارضته في الجولة الأولى(حصل فيها على 71 صوتًا من أصل 86 هي الحدّ الدنى للانتخاب) ليعود معظم نوابه للتصويت إلى جانبه في الثانية(حصل على 99 صوتًا)، إلا أن المستقبل في هذا السياق وبحكم تجارب الماضي لا يبشّر خيرًا ، فالخطوة القادمة هي تشكيل حكومة تستبدل حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي، وهناك "مربط الفرس" بالنسبة لحركة "حزب الله"،
ومن هنا فالتوقّعات من عون كبيرة، حتى أن البعض ولأسباب يمكن فهمها عاطفيًّا دون أن يمكن تبريرها عقلانيًّا، قال إن مجرد انتخاب رئيس للبلاد بعد عامين من الفراغ الرئاسيّ ، وهو حالة مفروغ منها في كل دولة، هو انتصار للدولة أو الكيان الرسميّ، على نفوذ "حزب الله"، أو كانتونه ودويلته في الجنوب، ونهاية لعمليّة التعطيل السياسيّ التي يمارسها "حزب الله"، وأن انتخابه هو إحياء للجمهوريّة وإعادة الحياة إليها،
وليس مجرد انتخاب رئيس للجمهوريّة، في تحميل للأمر فوق احتماله، خاصّة على ضوء احتمالات الصدام مع إسرائيل جراء تأكيده إصراره على انسحاب إسرائيل الكامل ممّا تبقى من الأراضي اللبنانيّة، وانتشار الجيش على الحدود الجنوبيّة، وخاصّة إشارته إلى إمكانيّة حلّ ملفّ ترسيم الحدود البحريّة والبريّة مع إسرائيل، بما يشمل إعادة فتح ملف مزارع شبعا المتنازع عليها، وهو ما ترفضه إسرائيل، خاصّة وأن مسؤولين أميركيّين، تربطهم علاقات وطيدة مع عون، سارعوا وربما من باب التفاؤل الزائد إلى القول إن انتخابه سيزيد من الضغوطات على إسرائيل للانسحاب وفق الاتفاق،
ومن هنا فإن أيّ تأخّر إسرائيليّ في هذا السياق ، وربما يكون لأسباب إسرائيليّة داخليّة، أن يمسّ مكانته، خاصّة على ضوء المعلومات التي رشحت في الأيام الأخيرة أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، يسرائيل كاتس، وقيادة الجيش الإسرائيليّ يفضّلون، أو يميلون وربما قرّروا، عدم الانسحاب الكامل، بل البقاء في ثلاثة مواقع مركزيّة في جنوب لبنان، وذلك بموافقة معظم الوزراء الأعضاء في المجلس الوزاريّ المصغّر للشؤون الأمنيّة والسياسيّة،
هذا رغم ترحيب وزير الخارجيّة الإسرائيليّ جدعون ساعر، بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان، معربا عن "أمله أن يسهم ذلك في تحقيق الاستقرار، ومستقبل أفضل للبنان وشعبه، وعلاقات جوار جيدة"، ستكون إسرائيل بصفتها الطرف القويّ صاحبة الكلمة الأخيرة فيها.
وسواء كانت رئاسة جوزيف عون ستؤدّي إلى تغيير الحال بين لبنان وإسرائيل، وهو شأن من المبكّر الحكم عليه خاصّة وان إسرائيل، والتي يمكن الجزم أنها في قرارة نفسها تمنّت انتخاب جوزيف عون، هي من ستقرّر ذلك في نهاية المطاف، لاعتباراتها العسكريّة والأمنيّة وربما السياسيّة الداخليّة والائتلافيّة، فإن الواضح للجميع اليوم،
أن حال لبنان بعد الحرب والخسائر التي مني بها والحاجة إلى 13 مليار دولار لإعادة البناء، لا يملك لبنان ورئيسه وحكومته منها شيئًا، وبالتالي سيحتاج أن يكون "على مائدة الدول المانحة" بكل ما يعنيه ذلك، ما يؤكّد أن الرئيس الجديد ومعه لبنان سيواجهان ضغوطات داخليّة وخارجيّة، سيشكّلان اختبارًا لقدرته على حشد الدعم الداخليّ وتنفيذ برامجه، وهنا سيتضح ما إذا كانت هذه المرحلة تمثل بداية جديدة للبنان أم استمرارًا للازمات السابقة، هذا وهذا رهن عون على خلق التسويات والوازنات وربما التعاونات والتحالفات الداخليّة،
خاصّة في ظلّ الضغوط المتوقّعة من حزب الله وإيران، ومن هنا وبعيدًا عن تعهّدات عون في خطاب التنصيب وكلها كانت متوقّعة، على ضوء ملابسات تنصيبه ومن مارس الضغوط كي يتم الانتخاب، فإن الحديث يدور عن أحد خيارين، كلاهما مرّ، فإما بداية جديدة للبنان سيضطرّ فيها لخوض مواجهات داخليّة، أو امتداد للازمات التي عاشها لبنان منذ منتصف سبعينيّات القرن الماضي وصولًا إلى الحرب الاهلية وما شهدته وما تلاها .
وفي انتخاب جوزيف عون، بدعم من "حزب الله" الذي لم يعترض حتى الآن على خطاب التنصيب ومضامينه التي جاءت بعكس ما أراد "حزب الله" خاصة بكل ما يتعلق بإسرائيل والسلاح والمقاومة، تزامنًا مع تواجد مكثّف لمندوبي الإدارة الأميركيّة الحالية(هوكشتاين) في لبنان، والجديدة( ستيف ووتكوف) في إسرائيل، رسالة واضحة، فالأول ، إضافة إلى دوره في تليين انتخاب عون، عمل على ضمان انسحاب إسرائيل من لبنان وفق اتفاق وقف إطلاق النار، ومنع استغلالها لولاية دونالد ترامب الجديدة والتي تبدا الأسبوع القريب،
وسيلة للتهرب والتملّص من التزاماتها كما أشارت معلومات رشحت عن بعض وزراء الائتلاف الحكوميّ اعتبرت وصول ترامب" كارت بلانش" لكلّ تصرّف وقرار تتّخذه إسرائيل، وبالتالي سيمكّنها ذلك من مواصلة التواجد في لبنان من جهة بادعاء أنه لم يتم بعد تحقيق "النصر المطلق" على حزب الله، الذي يواصل التقاط أنفاسه مجدّدًا ، ما يعني عمليًّا أن " النصر المطلق" وفق مفهوم بنيامين نتنياهو وحكومته لن يتحقّق في لبنان، أما الثاني فجاء إلى إسرائيل يحمل رسالة واضحة لنتنياهو مفادها أن ترامب يريد صفقة في غزة ووقفًا لإطلاق النار ، بعكس ما أراد نتنياهو وحكومته من مواصلة للحرب حتى القضاء على "حماس" ووضع حدّ للإرهاب حتى تحقيق "النصر المطلق"،
الذي لم تتحدّد معالمه، بل بقيت مطّاطة وضبابيّة لكنّه يشمل عدم الانسحاب من غزة وعدم مغادرة محور فيلادلفي(صلاح الدين)، وكلها توقعات لم ترد ضمن صفقة تبادل الرهائن الإسرائيليّين والسجناء الأمنيّين، ما يعني أن هذا النصر المطلق لن يتحقّق وفق المفهوم الإسرائيليّ خاصّة وأن الحديث عن القضاء على الإرهاب كان عملة رائجة في السياسة الإسرائيليّة بين الأحزاب وداخلها، واجتماع مجلس حزب الليكود عام 1990 المعروف إسرائيليًّا بمصطلح" ليل الميكروفونات" وفيه طالب أريئيل شارون بالتصويت لمن يريد القضاء على الإرهاب،
دليل على ذلك، ودليل على انعدام إمكانيّات تحقيق ذلك، دون أن يمنع هذا بنيامين نتنياهو، من تكرار نفس الشعار، وبالتالي فان ما سبق يؤكد زيف الشعارات المرفوعة إسرائيليًّا وفلسطينيًّا ومن "حزب الله" وإيران حول مصطلحات "تحقيق النصر"، بل استحالة تحقيق النصر الذي يخدم مصالح طرف واحد، ويعني إخضاع الآخر نهائيًّا،
وصولًا إلى اتفاقيّات وتسويات يمكن لكل طرف اعتبارها على أنها تستجيب لمعظم طلباته ويمكنها تسويقها على أنها انتصار، وهي الرسالة الحقيقيّة التي تؤكد أن الحروب في الشرق الأوسط، وكما أثبتت التجارب المريرة ،لا تنتهي بانتصارات واضحة وحقيقيّة وكاملة.
وعودة إلى انتخاب عون، فإن التوقّعات التي يعلّقها الجميع عليه، تشكّل حجر الرحى على عنقه منذ اليوم الأول، لكنها كما يقول كثيرون، قد تشكّل دافعًا لاحتمال عدم تحقيقها إذا ما انتهى الأمر إلى هذه النتيجة، وبالتالي لا بدّ من الانتظار فالقائد العسكريّ حتى الفذّ ليس بالضرورة أن يصبح كذلك في السياسة، فالزعماء لا يولدون فجأة، كما يقول الاقتصاديّ وعالم النفس الأميركيّ وارن بينيس:" من أخطر الأساطير التي تتحدّث عن القيادة هي ولادة الزعماء، وأن هناك عامل وراثيّ لتولّي الزعامة.
هذا الكلام لا معنى له، في الحقيقة، العكس هو الصحيح. القادة يصنعون أنفسهم بأنفسهم وليس عن طريق الوراثة "، ومن هنا فالامتحان هو كيفيّة تأدية المهامّ، وليس التوقّعات المسبقة، أو الرصيد العسكريّ، بل النتائج العمليّة لتولّي السلطة، كما يقول أبرهام لينكولن:" باستطاعة كافّة الرجال تقريبًا تحمّل المحنة، لكن إذا أردت أن تختبر شخصيّة الرجل،
أعطه السلطة"، وفي لبنان بتركيبته يعتبر النجاح في السلطة مهمّة شبه مستحيلة.. ان لم تكن مستحيلة، ولكن لننتظر هل سيجيئ العون للبنان، من جوزيف عون؟ السؤال الأهمّ هل تتحرّر– لبنان التي تتشدّق بالحضاريّة والتعدديّة من الطائفيّة والعائليّة والميلشيّات وليس لحزب الله فحسب، بل للعديد من الطوائف والعائلات التي تسمّي نفسها العريقة، أم سيبقى النظام الفاسد يبدأ من رئيس البنك المركزيّ وحتى آخر موظّف يريد لنفسه وعائلته العيش الرغيد، ولتبقى لبنان للذين لا يستطيعون العيش في الخليج أو أمريكا الشماليّة أو الجنوبيّة !!!