صاحب الظل الطويل والمقام الهابط

08.09.2024 מאת: مصطفى محمد كبار
صاحب الظل الطويل والمقام الهابط

 


صاحب الظل الطويل والمقام الهابط

لا أنام لكي أحلم
بالغد
بل أنام كي أكمل دورة الجسدين
في روحٍ واحدة
لكني سأحلم بالمعنى خارج هذا 
العمر
لأعطي للأشياء التي خسرتها 
وجهةٌ أخرى
لا عطباً أصاب كبدي فمزقه بين
غبار الرحيل
و لا ذكرى تلاشى بسفر الريح 
سأحلم بيومِ خالي من الحزن و معافاً 
من الخيبة بلا خذلان
سأدون خطأ المسافة الموجود بيني
و بين الأموات
كي يدلني حجر الطريق بخريطة العودة
إلى زمن البداية 
سأحلم بالغيوم و بالسماء الصافيةِ الزرقاء 
بالطيور الفرحةِ بأجنحة المدى
و بالمطر الخفيف
دعني يا ظلي المقسوم بين حكايتين
أنجو بمخيلتي و أحلم بأشياءٍ
بسيطة
لا بخنجرٍ  يقطع بالروح فأجهش كلما 
دقت ساعة التنازل
للوجع
دعني أحلم بالنعومة الكلام حينما
يصدع الكلام 
و بأن بشرٌ  هناك قد أصبحوا 
بشراً 
لا كلابٍ تأكل لحمنا و تنهش بعضها
من التكالب
سأحلم بالقيامة بجسد النساء الجميلات 
الرائعات
لا  لأمارس معهنَ الجنس الشرقي العقيم
بدهشتي
بل لأصبحَ عصفور الحبِ السعيد 
و محررٌ من نافذة صدرهنَ بكامل الحب 
من قفص الحنين 
سأحلم بليلةٍ هادئة لا أنتظر فيها 
أحد
كي لا أترك قلبي ينام بمقبرة الإنتظار
فأنساه 
و أكسره بشدة الوجع من بقايا موعدٍ 
لم يكتمل بدورته على مفرق 
الأمنيات
كيف أعاقب قلبي بقسوة الوجع 
بغيابها
و أعفو عن تلك التي أساءة بمعاقبتي
بنسيانها الطويل 
فالإسطورة قد إتخذت مكانتها في جسدي 
و تيقنتُ بكل شيء
هكذا أنا واحدٌ من أهل النسيان
الأبدي
أراوض قلبي على الخيال البعيد و أحلم
بخاتمة تليق بأحزاني
و أولدُ  قبل كل شيء بموعدٍ قديم
فمازلت أذكره
و لا يسبقني فضفاض الريح برقصة 
النوارس على الشطآن
فأشدُ  الزمانُ البعيد  إلى زمني و أنسى
لون المكان
لا أشياءَ توحدني أمام السماء بالقصيدة 
فالهزيمة هي الهزيمة
و كل ألوان المنفى أسودٌ و مخاض
بأوتار الوجع هناك
فأنا صاحب المقام العالي في السقوط 
سيد الكوارث
و ظلي بالوجع يختصر كل الأزمنة و
كل الوقت 
سائر الغريب أنا بأجنحة الكلمات 
لركن المتاهات
أسافر قبل الرحيل و قبل الوقت
لانسى زمني
ثم أعود من سفري بخيبة المتوفي
المنسي إلى الضجر
فأحمل بقايا المواعيد التي نثرت
الكلام في الغياب 
ثم أمضي راحلاً من جديد بالقوافي 
و أنا لا أتذكر كل الأشياء 
أمضي لذات القافية و لذات الحزن و 
لذات الكلمات 
دون أن أستوعب ذاكرتي الجريحة
على طريق الضياع 
قد أتبع اسلوب المحبطين بلغتي
في الكتابة 
و قد أرتب للعمر أشياءٍ لا تشبهه 
بموكب الوداع
فأنا الغريب في صدى الأشياء أجسُ
دمع البكاء في الأزل
و أنا البعيد عن حضن الحسناء 
ألملم رمل الخطوات و أشمها لِأُريحَ 
قلبي في الذكرى
أريد أن أحاصر ظل موتي في 
تابوتٍ من حجر 
علي أحيا قبل الرحيل عند منحدرات 
الكلمات 
فارسم الطريق إلى معجزة النسيان 
لأعرف أين مكان مقبرتي و أين أنا
من فكرة التأمل
من سيحمل نعشي إذا مت بين جدران 
المنفى وحيداً 
من سيقول كلاماً للعابرين يشبه كلام
الموتى القدامى 
من سيقرأ من كتاباتي القديمة آخر
خاطرة بالوداع الأخير 
قد أحتاج إلى أربعة راهبات من كنيسة
المسيح كي يحملنَ جنازتي بيوم
رحيلي
حتى إن صرت أشكو من فقدان الروح
و خروجها من جسدي 
أحضن الصليب و أبكي على موتي
قبل الخريف القادم
فيا أيها الظل الطويل ماذا حفظتَ من
جفاف سفري 
و هل جربت مثلي وجع المشانق 
خلف الراحلين 
فإن جربت  قل لمن تباعدوا عن قصد
من زمني
ما هو شكل الأوجاع و طعم الحرمان
بالوقت المر
و راجع كل أوقاتك بزمن البدايات و كل 
الصور
و لا تمضي معي إلى السفح الأخير
لتبكي وحدك هناك
أفلا مللت من لونك الرمادي و من 
معاشرتي 
لقد مللتني و أحرقتني بمزاياك يا أيها 
الراكض للهلاك
توقف عن ملاحقتي يا ظلي الثقيل 
و إعتذر لذاتك ألف مرة 
و اكتب وصيتك الأخيرة قبل رحيلي
كي أدربك على الكلام من عبث
التوحد
ضع نقشاً من حبات المطر بثوبك 
من ورائي
كي تلين قبلتي في المساء فأستكن
بعتبة الذكريات 
و خذ نصيبكَ من الغياب و من جسدي
المهزول
لكي تعرف من أنت و من تكون 
كلما نظرت في المرآة
فحاضري لم يعد يتسع لكلانا فأقطع
لونك الرمادي عن جسدي
حررني من قيدك في الأسر الطويل
و حرر نفسك من العدم
عاتب كل من مرا  محايداً من الكواكب 
البعيدة من هناك
و اشهد على رقصة الأموات بين صلاتين 
على وداعي
و لا تبكي محبطاً إن رأيت موكب 
الرحيل
يمضي مسرعاً للنجاة من الوجعِ
كن خفيفاً و شريفاً في الغياب معي
كي تدرك الحقيقة كلها 
و لا تلم حظك بالأقدار و تلطم جدار
الغرباء لتعاقبني 
كن حراً و حذراً من كل شيء من
بعدي 
و قل لزمان ما أحقرك ما أحوجك
إلى وجعي 
فلا تقلدني بكل شيء فأنت أنضج من
عبثي و حماقتي
و لا تتبع خطوتي فإنها تخطو  بي
للهاوية
فدعني و شأني العاثر ألاعب الأوجاع
بصدى الكلمات 
و قل عني ماشىئت إن إستطعت الكلام
بعد موتي
فلا تمت مثلي خلف الراحلين بوجع
الذكريات 
فالقبر بيت المحبطين و هو ضيقٌ على 
الخاسرين 
و لا يتسع لكلانا لشخصين غربين لم
يلتقيان
سافر  
غامر  
عاتب
غني بوقت الضجر
خذ وقتك بترتب اللاوقت بفرط
الأشياء 
خذ كل أدواتك من ظلال عدمي
و لا تصارع خيالي
انتصب ألِفاً على قبري و لا تمت معي
فربما يكون لك بعض الوقت
لتقول لا 
إشرب نبيذاً من نوع فاخر  إن أردت 
ذلك 
إكتب خاطرة بالوداع الأخير من دموع
امي و إعتذر منها حتى الصباح 
الجارح
أو راقب من تحب إن وجدت حلماً يشع
بالأمل يا شبحي في المساء 
فأنا قد ضيعتُ كل شيء من عمري 
البائس
و قد خسرتك من شغبي تحمراً بالسنين 
كما خسرت زمن المعجزات بأحقر
النهايات
و أنت أيضاً قد خسرت صاحبك القديم 
على دروب النسيان 
فرتب كل مواعيدك يا أيها الظل الطويل 
و المقام الهابط قبل إنتهاء
موعدنا الأخير
و أحلم بالقصيدة الطويلة بأنك سيد 
عرشها و سيد الزمان إن حضر
الزمان بدوني
و دعني أن أحلم مثلك يا أيها الظل السارق 
من جسدي لونك البعيد 
لا لأحيا بشكل الأحياء على ضفاف
السراب معك هناك
بل لأصلح خطأً كبير في الوحي 
الهابط
بآخر القصيدة  ........  هذه القصيدة 

 

ابن حنيفة 
مصطفى محمد كبار 
ابن عفرين حلب سوريا ٢٠٢٤/٨/١٧
 

 

آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها  Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108

 

תגובות

מומלצים