(مش) هيك البلد بدها

ونقصد بالبلد هنا السكانَ الشرفاء الاوادم, والمواطنين الصالحين الذين يؤدون واجباتهم في سبيل تقدم بلدتهم, ويحافظون على القوانين الأخلاقية والاجتماعية, ويعني لهم الكثير مصير بلدتهم ولا يلتفتون إلى مصالحهم الشخصية وغاياتهم الفردية

29.03.2015 מאת: سامي منصور
(مش) هيك البلد بدها

نقصد بالبلد وابن البلد ذلك المواطن النبيه, وذلك الإنسان الواعي المؤمن الفاضل النزيه حيّ الضمير, الذي يأبى على نفسه أن يشرب أبناءُ بيته ماءً مسروقا, أو أن يغتسل بماءٍ لم يدفع ثمنه كأنه يغتسل في بحرٍ خلقه رب السموات والأرض.

ولا نقصد هنا ذلك المواطن الذي يدّعي المواطنة الصالحة, ولا "ينام الليل" لشدة "حبه" لوطنه و"الغيرة" عليه.

لا نقصد هؤلاء الذين يحرضون ليل نهار, وينبشون في الوحل كالدجاجة الحمقاء التي تبحث عن دودة تحاول أن تتغذى بها وإن كانت دودة ميّتة.

نقصد بالبلد عمائمها البيضاء الجليلة الناصعة التي ترمز إلى طهارة النفس وصفاء القلب ونقاء السريرة, ولا نقصد مَن يتحلى بالملابس الفاخرة التي تخفي أجسادا تغطي على قلوب سوداء مليئة بالحقد والكراهية.

نقصد بالبلد ذلك الإنسان المتواضع حلو اللسان رقيق المشاعر جميل الابتسامة, ولا نقصد أولئك الأشخاص بذيئي الألسن سليطيها متجهمي الوجوه قساة القلوب.

نقصد بالبلد هؤلاء الذين يخافون الله, قائمي مجالس الدين والذكر والمواعظ الحسنة, ولا نقصد أولئك المتآمرين المتلونين الذين يعقدون مجالس الدسيسة والدجل والتحريض. نقصد بالبلد الناسَ المعطاءة التي تضحّي بقسم من أملاكها من أجل الصالح العام, والتقدم والحضارة ورفاهية المجتمع, ولا نقصد أصحاب العقول المتحجرة الرجعية, التي تعارض حتى بناء مدارس تنفع الأجيال وتعلو بالمجتمع إلى قمم النجاح. نقصد بالبلد أبناءها المخلصين وبناتها المصونات كمدراء المدارس والحاضنات والمدرّسات, الذين يعملون بإخلاص وتفانٍ من أجل تربية نشئ صالح.

نقصد بالبلد العاملات الاجتماعيات اللاتي تعملنَ لرفاهية العجزة والمسنين. نقصد بالبلد هؤلاء المتعاونين على البرّ والتقوى, ولا نقصد من يتعاون على الإثم والعدوان.

نقصد بالبلد هؤلاء الذين يعملون على توحيد الصفوف وتقريب القلوب, ولا نقصد أولئك الذين يدْعون إلى التفرقة بين أبناء البلد الواحد. نقصد بالبلد هؤلاء الناس الذين يحبون الحقيقة ويناصرون الحق, ولا نقصد أولئك الذين يزهقون الحق ويظهرون الباطل.

آه, شو بدنا نحكي تنحكي وحال بلدتنا يذكّرني بقصّتين : الأولى تحكي أن علاماتٍ لمجاعةٍ تقترب من إحدى المدن فبنى حاكمها بئرا, وطلب إلى السكان أن يُلقي كل فرد ما يتيسر من الحليب في البئر دون أن يتعرف واحد إلى الآخر.

وفي الصباح فتح الحاكم باب البئر وإذا بها مليئةً بالماء, إذ أن الكثيرين فكروا :" ماذا يضرّ القليلُ من الماء مقابل ما ستضع الناس من الحليب", فكان أن وقعَت مجاعة مات فيها العديد من الناس.

والقصة الثانية تحكي عن عجوز ساحرة جاءت إلى مدينة وألقت بعض النقط السحرية في البئر التي يشرب منها السكان.

وفي الصباح شربَت الناس من البئر عدا الملك ووزيره, فجنّ الشعب وهاج  وماج قائلا :" لقد جنّ ملكنا ووزيره, لا نرضى أن يحكمنا ملك مجنون" فطلب الملك والوزير كاسين من الماء وشربا فهلّل الشعب وفرح لان الملك عاد إلى رشده.

فيا خيي أبو عميد يا رئيس المجلس اللي انتخابك عمل وجع بطن لبعض الناس, وقسم من الناس بدو يبقى على زيت ورُب ورُب وزيت, لئيش عمتركّض لتخدم وتعمّر هالبلد, وشو بدّك في وجع الراس, حضّر طقم قهوة سادة وبار مشروب, واقعد على درج المجلس وحط اجر على اجر وانصب ديوان وقول: ابن...اللي ما بميّل يشرب اشي, مع انو (مش) هيك البلد بدها !!

תגובות

מומלצים