نبذة عن حياة الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين
بسم الله الرحمن الرحيم. الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين ولد سنة 1916 م.توفي عن عمر يناهز الستة وتسعين سنة2012م. كان فضيلة الشيخ الراحل عالمًا في أصول الدين والشريعة والفقه مفتيًا في أمور الأمّة ومشكلاتها، قاضيًا في أحكامها ومعضلاتها
كما كان شديد التعلّق بالمصحف المكرّم فكان يحفظه عن ظهر قلب بل يعرف أرقام سوره وآياته، يقضي جُلّ أوقاته في تلاوته والتعمّق في تفاسيره وإعجازه وبقي على ذلك عمره كلّه حتّى وافته المنيّة وهو يتلو ذكر ربّه خاشعًا فسبحان الذي قهر عباده بالموت.
كان شيخنا الكريم المفضال على سعةٍ من العيش لكنّه كان مع هذا زاهدًا متقشّفًا مبغضًا للدنيا وزينتها اتّخذ له خلوةً في مكانٍ منقطعٍ عن العمران يخلو بها إلى ربّه مكتفيًا ببساطٍ بالٍ وفراشٍ خشن وكانت خلوا من الكهرباء لا ينيرها إلاّ مصباحٌ خافت الضوء (قنديل)، يتّفي مطر الشتاء الذي (يدلف) من ثغرات سطحها بالأواني والأوعية التي يوزّعها هنا وهناك وتراه مع ذلك فرحًا مستبشرًا كأنّما ينبعث النور من قسمات وجهه فيبث في زائره غبطة تختلط بالهيبة والوقار فيشعره أنّ المكان يستمدّ نورًا من قاطنه الذي قضى فيه الليالي الطوال مستأنسًا بربّه مطمئنًّا إليه فكأنّه آتٍ ليرسم للأجيال معنى الحياة الروحيّة الراقية وسعادة اتّصال الإنسان بخالقه؛ تلك السعادة التي خبرها وذلك الاتّصال الذي حقّقه في خلوته فشفّ وجهه نورًا وشفّت بصيرته فراسةً وصفاءً.
وقد كان هذا الشيخ الفريد عصاميًّا لا يأكل إلا من عرق جبينه وكدّ يمينه فكان يمتهن الكتابة وتربية النحل وظلّ لآخر عمره يعتاش من غلّة أرضه ونتاج نحله، فكان يرفض أن يأخذ الهبات والصدقات لنفسه ولا يُنفق منها مهما أصرّ معطيها بل يصرفها على مستحقّيها من المحتاجين والفقراء.